علي ناصر - المشاهد نت

ملاحقة الأمل بعيدا عن الديار

15:53 | 24.06.2023 | غرفة الاخبار

حزن اليمنيون كثيرًا حينما توفيت امرأة يمنية مع طفلتها في حادث مروري، أثناء هروبهما من الاشتباكات العسكرية في العاصمة السودانية الخرطوم، إلى مدينة بورتسودان، في مايو الفائت. لقد لخصت الواقعة معاناة اليمنيين اللاجئين في السودان، والذين وصل عددهم أكثر من خمسة آلاف، بحسب إحصائيات رسمية.


حينما اندلعت الحرب في أبريل/ نيسان الفائت، اضطر بعض اللاجئين اليمنيين في السودان، للعودة إلى اليمن. وفضل البعض الهروب إلى مصر أو تشاد أو جنوب السودان، أسوة بالمواطنين السودانيين الفارين من الحرب المندلعة في بلادهم.


يوم اللاجئ العالمي، هو يوم عالمي حددته الأمم المتحدة تكريمًا للاجئين في جميع أنحاء العالم، ويصادف 20 يونيو من كل عام. تقول الأمم المتحدة إن هذا اليوم “يسلط الضوء على قوة وشجاعة الأشخاص المجبرين على الفرار من أوطانهم هربًا من الصراعات أو الاضطهاد. كما يعتبر يوم اللاجئ العالمي مناسبة لحشد التعاطف والتفهم لمحنتهم، والاعتراف بعزيمتهم من أجل إعادة بناء حياتهم”.


وقد وضعت الأمم المتحدة شعار “الأمل بعيدًا عن الديار”، موضوعًا لليوم العالمي للاجئ لهذا العام 2023م.


يصف عبدالملك شعلان، طالب يمني يدرس في الخرطوم، مشهد فرار اللاجئين اليمنيين في السودان، بالمؤلم، حيث لا يستطيع معظمهم توفير أجور التنقل بين ولاية وأخرى، فمعظم اليمنيين يعانون من أزمات اقتصادية منذ أن لجأوا إلى السودان.


كما أن غالبيتهم لم يحصلوا على مساعدات مالية من منظمات دولية، أسوة باللاجئين من مختلف الجنسيات، كما يحكي شعلان لـ”المشاهد”.


وفي إثيوبيا المجاورة للسودان، حيث يتواجد أكثر من 2000 لاجئ يمني، يرى جمال الغراب، صحفي يمني كان لاجئًا هناك، أن قصصًا مؤلمة من أوضاع اللاجئين اليمنيين في إثيوبيا، تطارده، حيث النساء هناك يسكنَّ منازل بلا فراش، أطفال جوعى، رجال مكتئبون، وآخرون يفترشون الشوارع، واصفًا الحياة هناك بالعذاب، والعيش في بلاد لا يوجد بها أعمال مثل إثيوبيا أشبه بالجحيم.


يقول جمال: “سمعت الكثير من اليمنيين هناك يتحدثون عن ضابط قديم بالجيش اليمني، يحمل رتبة عقيد، ويتسول الإثيوبيين خارج العاصمة أديس أبابا، بعيدًا عن أنظار أبناء بلده، لسد رمق أسرته، وهو معذور”.


وقد أجبرت الحرب في اليمن نحو 4.5 مليون شخص أو 14% من السكان، على النزوح من ديارهم، وبعضهم نزح أكثر من مرة، حسب مفوضية الأمم المتحدة للاجئين.


الحرمان من العمل

في الأردن، يعاني العشريني محمد ردمان، من أزمة اقتصادية ومشكلات ناتجة عن إقامته في مدينة عجلون الأردنية، بسبب منعه من العمل من قبل السلطات هناك. السلطات الأردنية تحظر عمل العرب والأجانب الذين يحملون صفة لاجئ، في أراضيها. وصل محمد إلى الأردن العام 2016، هربًا من جحيم الحرب التي اندلعت في البلاد، العام 2014، ومنذ ذلك الحين لم يتمكن من الحصول على فرصة عمل، رغم حصوله على شهادات في الفندقة والسياحة، ولا يرغب في العودة إلى اليمن، بسبب المخاوف الأمنية التي تحيطه، كما يقول في حديثه لـ”المشاهد”.


ومثل محمد، يعاني أكثر من 13 ألف يمني مسجلين كلاجئين في المملكة الأردنية، بحسب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.


ذات المعاناة تنطبق على اليمنيين الموجودين في مصر وجيبوتي والصومال، وهي بلدان يتم فيها الاعتراف بلجوء اليمنيين بموجب القانون الدولي، ناهيك عن بلدان تحتضن ملايين اليمنيين الذين لم يحصلوا على اعتراف اللجوء، كالسعودية وعُمان وتركيا وماليزيا والهند وكينيا.


معايير إعادة التوطين

يعتبر اللاجئون اليمنيون في أوروبا أفضل حالًا من المتواجدين في غيرها من البلدان العربية والأجنبية، لكنهم يعانون من تأخر إجراءات الاندماج والتوطين، ويثار جدل حول من يرى أن المتسبب الأكبر في معاناة اللجوء التي يعانيها اليمنيون دون سواهم، يعود إلى السياسة التي تنتهجها دول التحالف العربي، إذ يتهمها الصحفي والناشط ماجد عزان بأنها تعرقل إدراج اليمنيين كلاجئين بموجب القانون الدولي.


ويأمل الناشط مراد القعيشي بأن تتجه المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين نحو العمل الجاد بما تضمنته اتفاقية اللاجئين، وذلك بقبول اللاجئين اليمنيين في الدول المستضيفة؛ وعدم طردهم منها، ومنحهم الحقوق الأساسية كلاجئين، وتوفير الحماية القانونية لهم.


في مايو/ أيار الماضي، بدأت مفوضية اللاجئين باستدعاء اللاجئين اليمنيين في دول عدة، وأجرت معهم لقاءات أولية لرفع ملفاتهم بهف توطينهم في إحدى الدول المتقدمة، بحسب اتفاقيات سابقة، أسوة بباقي اللاجئين من مختلف الجنسيات كسوريا والصومال وإريتريا.


يشير هشام المخلافي، وهو مسؤول في المفوضية السامية لحقوق الإنسان في اليمن، إلى أن عدم حصول بعض اليمنيين المقيمين خارج اليمن، على صفة لاجئ، يعود إلى الاعتماد على بعض المعايير، منها أن الدولة التي لجأ أي يمني فيها ليست طرفًا في الاتفاقيات الخاصة باللجوء، أو أن الملفات المقدمة من الأشخاص اليمنيين أنفسهم غير مكتملة، أو لا تنطبق عليهم المعايير.


في حديثه لـ”المشاهد”، يقول المخلافي إن اللاجئين من جنسيات غير يمنية يعملون على إيجاد مصادر دخل لهم ولعائلاتهم سواءً عبر مشاريع خاصة يديرونها بذواتهم أو العمل عبر مؤسسات تجارية. وينصح اللاجئين اليمنيين، بخاصة من فئة الشباب، بتطوير أنفسهم، واستغلال فرص التأهيل المتاحة في البلدان التي تستضيفهم.


ويلفت إلى أهمية مناسبة يوم اللاجئ العالمي، التي تصادف العشرين من يونيو/ حزيران من كل عام، وذلك من خلال تسليط الضوء على عزيمة الإنسان اليمني في تحدي المصاعب، وتشجيعه على الإبداع في كافة المجالات.


نقلا عن موقع "المشاهد نت"