- الرئيس بايدن يمدد الوضع المحمي المؤت لآلاف اليمنيين بأمريكا
- مقتل 5 مهاجرين يمنيين في الولايات المتحدة منذ يناير الماضي
- أديب المنصوري.. أول عربي يحصل على البطاقة الإعلامية من عمدة ولاية نيويورك – سيرة ذاتية
- أديب المنصوري.. أول عربي يحصل على البطاقة الإعلامية من عمدة ولاية نيويورك – سيرة ذاتية
- مغتربون يمولون مبادرات تنموية في قرى اليمن
- اعتداء على شاب يمني في تركيا يتحول إلى قضية رأي عام
- الحادثة الرابعة خلال 3 أسابيع.. سفارة اليمن في الولايات المتحدة تؤكد مقتل مغترب يمني
عاجل
رغم سنوات حرب مدمرة للاقتصاد اليمني ازدهرت روح المبادرة الشبابية الاقتصادية في اليمن بشكل غير متوقع خاصةً في قطاع زراعة البُن. فهل يستعيد البن اليمني مكانته العالمية؟ منى الأسعدي والتفاصيل.
ألقت الحرب في اليمن -والتي اشتعلت عام 2014 وتفاقمت عام 2015- بالبلاد في هوة أزمة شديدة. فبحسب تقرير للبنك الدولي فإن الناتج الاقتصادي اليمني تراجع حتى عام 2021 إلى ما يقارب نصف مستواه قبل نشوب الصراع. وذكرت تقديرات الأمم المتحدة إن ما يقارب 58 في المائة من السكان البالغ عددهم نحو 32.5 مليون أصبحوا يعيشون تحت خط الفقر. وأشارت إحصائيات البنك الدولي أن بطالة الذكور بلغت 12.40%، بينما بلغت بطالة الإناث 26.30 % من القوى العاملة المقدرة بنحو 7298663.00. غير أن من الآثار الجانبية الإيجابية غير المتوقعة للحرب أنها عززت بشكل كبير ظهور المشاريع الريادية. إذ كان على الشباب اليمني إيجاد طريقة لتأمين مستقبل لأنفسهم وإعادة اكتشاف تجارة قديمة وأحد الركائز الأساسية للاقتصاد الوطني: القهوة.
وقد اكتسبت شجرة البن اليمنية شهرة عالمية لجودتها وانتشارها، وشكلت الثروة القومية للبلاد لعقود طويلة. فمنذ نهاية القرن الـ 14 احتكر اليمن أسرار زراعة البن ووصل لأعلى مستويات زراعته وتصديره إلى أسواق العالم من ميناء المخا غرب اليمن الذي اشتق منه اسم القهوة Mocha، إلا أنه منذ نهاية القرن العشرين تراجع اليمن لأسباب عدة لصالح دول أخرى منافسة. فبحسب إحصاءات وزارة الصناعة والتجارة اليمنية فإن اليمن اليوم أصبح يحتل المركز 42 عالميًا في تصدير البن من بين 64 دولة حول العالم.
وبالرغم من هذا التراجع إلا أن الشباب يعملون بجد لإعادة مكانة البن اليمني في الأسواق العالمية من خلال مشاريعهم التي تُعنى بصناعة البن وتصديره وسط جهود محلية حثيثة وترحيب مجتمعي كبير.
مشاريع يمنية ريادية في قطاع البن: في أول أيام الحرب على اليمن قامت وكالة SMEPS بتنظيم حملة #YememCoffeeBreak وتعتبر واحدة من أهم الحملات التي دفعت بالشباب للتفكير في فتح مشاريع ريادية في قطاع البن. يقول الشاب الثلاثيني عدنان القصوص رئيس قسم التواصل والمناصرة في الوكالة: "فكرنا في حملة تبعث الأمل وتساعد في الترويج للبن اليمني كمنتج محلي يمكنه أن ينعش الاقتصاد الوطني، فانطلقنا بحملة #YememCoffeeBreak التي هي بمثابة انطلاقة الشباب لكسر الاحتكار في هذا السوق".
الحرب وبداية الانطلاقة
في بدايات حرب اليمن قامت وكالة SMEPS بتنظيم حملة YememCoffeeBreak# وتعتبر واحدة من أهم الحملات التي دفعت بالشباب للتفكير في فتح مشاريع ريادية في قطاع البن. يقول الشاب الثلاثيني عدنان القصوص رئيس قسم التواصل والمناصرة في الوكالة: "فكرنا في حملة تبعث الأمل وتساعد في الترويج للبن اليمني كمنتج محلي يمكنه أن ينعش الاقتصاد الوطني، فانطلقنا بحملة YememCoffeeBreak# التي هي بمثابة انطلاقة الشباب لكسر الاحتكار في هذا السوق".
ويشير القصوص إلى أنهم في وكالة SMEPS يركزون كثيراً على دعم قطاع البن حيث يعملون على دعم الكثير من المزارعين والمزارعات في مناطق عدة حول اليمن من خلال رفع الوعي في تحسين جودة البن والطرق الصحيحة لزراعته. ويضيف: "تم تأهيل مجموعة من الشباب في مجال التذوق والتحميص عبر دورت تدريبية داخلية وخارجية، فكلما كان العاملون في هذا المجال مؤهلون زاد ذلك من حجم الطلب على المنتج وزادت أرباحه". كما يذكر أنهم ساهموا كثيرا في توجيه الكثير من الشباب والمشاريع الناشئة، ويضيف: في استراتيجية الوكالة الجديدة سنعمل على فتح أسواق خارجية للشركات اليمنية العاملة في قطاع البن وكذلك تكثيف جهودنا في التدريب والتأهيل من أجل استعادة مكانة هذا المنتج المهم في الأسواق العالمية كونه يمثل مصدرا اقتصاديا مهما".
تأثير الحملة
كواحد من بين الكثير من الشباب في اليمن فقد عبد اللطيف الجرادي وهو شاب ثلاثيني وظيفته بسبب الحرب، إذ كان يعمل وكيلا لإحدى المدراس في صنعاء وكان قد تم ترشيحه لمنصب مدير المدرسة لكن مع انقطاع المرتبات منذ بدايات الحرب فكر الجرادي في تأسيس مشروعه الخاص. يقول: "بدأت في التفكير في مشروع يمكنه أن يؤمن مستقبلي ومستقبل الأجيال القادمة من بعدي لكنني لم أكن وقتها قد فكرت بالعمل في قطاع البن. ويضيف: في عام 2015 نظمت وكالة SMEPS فعالية YememCoffeeBreak# ولأنني شغوف بالقهوة حضرت الفعالية، مشيرا إلى أن الفعالية غيرت نظرته للبن وأدخلته في تفاصيل أكثر، فقد بدأ بعدها بالتفكير في العمل في هذا القطاع. مضيفا: "من هناك كانت البداية، سألت نفسي، لماذا لا أعمل في تصدير البن طالما أن المطلوب هو جودة عالية ونحن في اليمن قادرون على توفير أجود أنواع البن؟".
"نحن في اليمن قادرون على توفير أجود أنواع البن": كواحد من بين الكثير من الشباب في اليمن فقد عبد اللطيف الجرادي وهو شاب ثلاثيني وظيفته بسبب الحرب إذ كان يعمل وكيلا لإحدى المدراس في صنعاء وكان قد تم ترشيحه لمنصب مدير المدرسة لكن مع انقطاع المرتبات منذ بداية الحرب فكر الجرادي في تأسيس مشروعه الخاص. يقول: "بدأت في التفكير في مشروع يمكنه أن يؤمن مستقبلي ومستقبل الأجيال القادمة من بعدي لكنني لم أكن وقتها قد فكرت بالعمل في قطاع البن. ويضيف: في عام 2015 نظمت وكالة SMEPS فعالية #YemenCoffeeBreak ولأنني شغوف بالقهوة حضرت الفعالية. مشيرا إلى إن الفعالية غيرت نظرته للبن وأدخلته في تفاصيل أكثر إذا بدأ بعدها بالتفكير في العمل في هذا القطاع. مضيفا: "من هناك كانت البداية، سألت نفسي، لماذا لا أعمل في تصدير البن طالما أن المطلوب هو جودة عالية ونحن في اليمن قادرون على توفير أجود أنواع البن؟".
يذكر الجرادي أنه حضر الكثير من الفعاليات المتخصصة بالبن التي نظمتها SMEPS ويضيف: "الأيام العالمية للبن اعتدنا أن نحتفل بها في SMEPS وهذا خلق نوعا من التقارب والتشبيك بين العاملين في قطاع البن وفتح قنوات تواصل تجارية جديدة للتجار والشركات ورواد الأعمال والمستثمرين في هذا القطاع".
قصة شركة موكا ستوري Mokha Story
بعد حضور الجرادي لتلك الفعالية بدأ بالقراءة والاطلاع على عالم البن والأسواق الداخلية والخارجية وعملية زراعته وإنتاجه وعملية التجفيف وعملية التغليف والمواصفات والمقاييس العالمية، كما احتك بمزارعين كثيرين في مناطق مختلفة باليمن تشتهر بزراعة البن. وفي عام 2016 أسس هو وصديقه شركة Mokha Story. يقول عن بداية التأسيس: "مع الأسف كان عاما صعبا علينا، لأننا أنتجنا البن لكننا لم نستطع بيعه". ويعقِّب أن إيجاد عملاء خارجيين كان صعبا إلى حد ما، وهذا ما جعلهم يعيدون التفكير في استراتيجية للوصول إلى السوق الخارجي. "لم نستطع تجاوز هذه العقبة إلا بالتضحية والصبر، اضطررنا في بعض الأحيان إلى أن نرسل العينات للخارج قبل الدفع ليختبر العميل جودتها، كما طلبنا من بعض زبائننا أن يقوموا بالتسويق لشركتنا عند أصدقائهم والمحمصين المعروفين لديهم وهذا ساعدنا كثيرا."، يقول الجرادي.
قرر الجرادي أن يركز على نشر محتوى متخصص في البن على حساب الشركة في إنستغرام. يقول: "بدأت بالتنقل في مزارع البن من منطقة إلى منطقة أخرى مصطحبا لمصور محترف معي لالتقاط الصور ونشرها على إنستغرام. فبدأ المحتوى يظهر في محركات البحث وبدأ الناس يلاحظون وجودنا في السوق"، متابعا: "وفي عام 2017 كانت أول صفقة قمنا بها إلى أمريكا وكانت الفرحة كبيرة جدا أننا استطعنا التصدير إلى أمريكا بالرغم من كل الصعوبات".
واصل الجرادي رحلة البحث والتطور في عالم البن، وفي عام 2018 حصل على تدريب متخصص في التذوق بماليزيا من معهد CQI، كان ذلك بدعم وتمويل من وكالة SMEPS. يقول عن التدريب: "كنت متفوقا فمُنِحتُ شهادة التذوق والتي يعتبر حاملها شخصا مصرحا له بأن يكون متذوقا ومقيِّما لكل أنواع القهوة".
يحكي كمال النجمي، مسؤول الجودة في شركة Mokha Story عن تجربته في العمل برفقة الجرادي قائلا: "أثرت الحرب على مصادر دخلنا لكن شغف عبد اللطيف بالبن هو ما دفعني للعمل في هذا القطاع الذي حقق لنا الاستقلال المادي وفتح لنا أبوابا كثيرة".
مبادرات محلية
في إطار المحافظة على البن وعودته إلى الصدارة، بادرت مجموعة من الشباب اليمني ممن تربطهم علاقة بقطاع البن، سواء كانوا رواد أعمال أو مزارعين أو من ذوي الخبرة الفاعلين في إدارة سلاسل القيمة (سلاسل قيمة المنتج أو الخدمة) بإطلاق عدة مبادرات تمثلت في إقامة معارض ومهرجانات توفر نقاط بيع مجانية لكافة الشباب أصحاب المشاريع الناشئة، لتمكنهم من تقديم منتجاتهم للمستهلكين، كفرصة تسويقية ساعدتهم على كسر حاجز الخوف من عدم نجاح مشاريعهم.
بُنّ يمني مئة بالمئة من الزرع إلى القطف وحتى الطحن: ريهام هاشم، إحدى الشابات الرياديات في مجال البن، تذكر أنها اختارت العمل في بيع البن وتصديره إذ ترى أن المرأة الشابة هي مصدر القوة وعليها أن تؤمن بنفسها ولا تفكر بعقبات الطريق. وعن تجربتها الشخصية في تجارة البن منذ عامين تقول: "كانت للحرب أثارها السلبية على الاقتصاد العام وبالتالي تدهور اقتصاد الفرد وأنا كواحدة من العامة تأثر دخلي بسببها ففكرت في الدخول في مجال تجارة البن كون اليمن ينتج أجود أنواع البن عالميا بالإضافة أن هذا المشروب يحظى باهتمام عالمي كبير وهذا يفتح للعاملين فيه أفاقا كثيرة". وتضيف: "من هنا بدأت مشروعي Brown Crown الذي يقدم بن يمني مئة بالمئة حيث نهتم به من القطف حتى الطحن ...".
من بين تلك الجهود مهرجان ثورة البن اليمني التي التفت حوله كافة الكيانات ذات العلاقة وتفاعل معه المجتمع ككل. يقول بكر النصيري، المدير التنفيذي للمزاد الوطني وهو مسؤول في مهرجان ثورة البن اليمني معلقا: "هدفت ثورة البن إلى استعادة المكانة التاريخية والتجارية للبن اليمني، بالإضافة إلى توحيد الكيانات الفاعلة في قطاع البن اليمني من مزارعين وجمعيات ومصدرين بعد أن كان القطاع متفككاً وغير منظم".
ويشير إلى أن هذه المبادرات تعمل على تشجيع الشباب للدخول في هذا القطاع المهم الذي من شأنه تحسين الاقتصاد الوطني في ظل الطلب الكبير عليه في الأسواق العالمية.
البن كمنظور مستدام للمرأة اليمنية
جعلت العادات والتقاليد من المرأة اليمنية ماكينة لزراعة البن ورعاية أشجاره وحصاده. يقول نبيل الشرعبي وهو محلل اقتصادي: "تتحمل المرأة العبء الأكبر في زراعة البن ورعايته وحتى حصاده. أما ما يخص التصدير فتغيب المرأة وذلك يعود إلى طبيعة تركيبة مجتمع زراعة البن في اليمن الذي يعيب على المرأة العمل لغير صالح أسرتها. ويضيف: "كذلك عدم تأهيل النساء لخوض هذا الغمار الذي يحتاج إلى الكثير من الخبرة جعله حكراً على عدد محدود من الرجال".
ريهام هاشم، إحدى الشابات الرياديات في مجال البن، تذكر أنها اختارت العمل في بيع البن وتصديره، إذ ترى أن المرأة الشابة هي مصدر القوة وعليها أن تؤمن بنفسها ولا تفكر بعقبات الطريق. وعن تجربتها الشخصية في تجارة البن منذ عامين تقول: "كانت للحرب أثارها السلبية على الاقتصاد العام وبالتالي تدهور اقتصاد الفرد وأنا كواحدة من العامة تأثر دخلي بسببها ففكرت في الدخول في مجال تجارة البن كون اليمن ينتج أجود أنواع البن عالميا بالإضافة أن هذا المشروب حظي باهتمام عالمي كبير وهذا يفتح للعاملين فيه أفاقا كثيرة". وتضيف: "من هنا بدأت مشروعي Brown Crown الذي يقدم بُنّاً يمنياً مئة بالمئة حيث نهتم به من القطف حتى الطحن. تذكر ريهام أن العمل في مجال البن حقق لها الاستقلال المادي وأنها استطاعت الاستمرار بدعم من المجتمع وتجاوز العقبات كنقص الدعم الحكومي وصعوبة إيصال المعلومة للمستهلك بأنهم في المتجر يقدمون أجود أنواع البن وذلك يرتبط بشكل مباشر بتكلفته.
وعن مشاركتها في مهرجان ثورة البن تقول: "حصدت على أعلى نسبة مبيعات في المهرجان، كما أن المهرجان عرف الناس بالمنتج أكثر وساعد في الترويج له".
ويعقب الشرعبي: "دخول النساء في هذا المجال سيسهم في تحقيق العديد من الفوائد منها تمكينهن واكتساب معرفة حول أسرار البن اليمني والجودة وطرق المنافسة وأساليب التجارة والتصدير كما أنه سيدر عليهن بمداخيل وعوائد مالية كبيرة يصعب تحقيقها من العمل والتجارة بغير البن".
اقتصاد مستدام
تشهد مشاريع البن في اليمن قبولا واسعًا في أوساط الناس، وهو ما يعزز بشكل كبير من استمراريتها وتوسعها. يقول الجرادي: "في الفترة الأخيرة، انتشرت ثقافة القهوة بشكل لافت ولاقت مشاريع البن دعما محليا وترحيبا من قبل الناس خصوصا في أوساط الشباب"، مضيفا: "هذا له زخمه ويعمل على نشوء المقاهي الراقية وتقديم البن والقهوة بطرق جديدة".
ويضيف أن ذلك سيشكل نوعا من الترويج للبلاد وسيساعد اليمن عند انتهاء الحرب على جذب السياح للمزارع والمقاهي اليمنية. معقبا: "هناك الكثير من الناس حول العالم يرغبون بزيارة اليمن، خصوصا الناس المحبة للقهوة وهذا بكل تأكيد يُحسب لاقتصاد اليمن".
معرفة نقطة وصول أهمية البن في التجارة العالمية وتخصيص بورصة للقهوة ومشتقاتها والتفكير والعمل الجدي على إنعاش زراعة محصول البن اليمني ومن ثم الانتقال به إلى مصاف الجودة المنافسة عالميا: كل ذلك سيسهم في إحداث تحسن كبير على الصعيد الاجتماعي والاقتصادي الجزئي والكلي في البلاد ويحقق الاستقلال المادي للشباب والأجيال القادمة الذي قد لا تحققه مشاريع أخرى، بحسب الشرعبي.
مرفق رابط المادة الأصلية: