- يمني أميركي يترشّح لعضوية مجلس ديربورن
- المئات من اليمنيين يواجهون خطر الترحيل من الولايات المتحدة
- عمليات احتيال تقود يمنيين إلى حتفهم في أوكرانيا
- الرئيس بايدن يمدد الوضع المحمي المؤت لآلاف اليمنيين بأمريكا
- مقتل 5 مهاجرين يمنيين في الولايات المتحدة منذ يناير الماضي
- أديب المنصوري.. أول عربي يحصل على البطاقة الإعلامية من عمدة ولاية نيويورك – سيرة ذاتية
- أديب المنصوري.. أول عربي يحصل على البطاقة الإعلامية من عمدة ولاية نيويورك – سيرة ذاتية
- مغتربون يمولون مبادرات تنموية في قرى اليمن
- اعتداء على شاب يمني في تركيا يتحول إلى قضية رأي عام
- الحادثة الرابعة خلال 3 أسابيع.. سفارة اليمن في الولايات المتحدة تؤكد مقتل مغترب يمني
عاجل
دعونا نتحرّ الحديث هنا بشفافيةٍ كاملة، وبصدقٍ أقرب إلى الواقع الذي نعيشه ونشاهده، لا كما يُصوَّر في بعض الخطابات المُنمّقة أو المواقف المُجتزأة. إنّ الحديث عن الزواج بين اليمنيين في الولايات المتحدة ليس مجرّد استعراضٍ لمظاهر احتفالية، بل هو بابٌ واسع لفهم تحولات الهوية، وسلوكيات المجتمع المغترب، وضغوطات الواقع، وصراع القيم بين الجذور والحداثة.
أولًا: بين الحملة والواقع
أُطلقت في الآونة الأخيرة حملات على وسائل التواصل الاجتماعي، يقودها بعض الناشطين وأصحاب النوايا الطيبة – وربما المشوشة أحيانًا – تحت شعار أن مظاهر الزواج في أوساط المغتربين اليمنيين في أمريكا تتسم بالبذخ والإسراف، ويقترحون أنه كان أولى بأولئك المغتربين أن يوجّهوا هذه النفقات إلى دعم الأسر الفقيرة في اليمن، عوضًا عن صرفها في الذهب والصالونات والكماليات.
لكن الحقيقة، التي يجب أن تُقال دون مواربة، هي أن البذخ في الأعراس ليس هو أصل المشكلة في اليمن، وأن تحميل المغترب مسؤولية الوضع المزري في الوطن هو إجحافٌ كبير في حقه، بل هو نوع من التنصّل من الأسباب الحقيقية للفقر والعوز والفساد المستشري في مؤسسات الدولة. الدولة هي الجهة الوحيدة التي تتحمّل مسؤولية المواطن، من حيث توفير الأمان والراتب والفرص والكرامة، لا المغترب الذي غادر الوطن مضطرًا بحثًا عن رزقٍ أو حياةٍ كريمة.
ثانيًا: المغترب لا يزال في صدارة العطاء
إن المغترب اليمني، رغم غربته، لم يتوقف يومًا عن إرسال أمواله إلى اليمن. يرسلها في رمضان، وفي العيدين، وفي المناسبات، ويشارك في الجمعيات الخيرية، ويساهم في بناء المدارس والمستشفيات، ويُطعم أقاربه، ويكفل الأيتام. هو أحد أبرز روافد الاقتصاد الوطني – إن صحّ أن نُسميه اقتصادًا – وقد ظل لعقود طويلة يحمل اليمن في وجدانه وفي حساباته البنكية.
فكيف يُعقل بعد هذا كلّه أن يُوصف هذا الإنسان، الذي تقتطع الغربة من عمره كل يوم، بأنه السبب في فقر بلاده؟ وهل ننسى أنه لولا هذه الغربة لكان كثيرٌ من أولئك الرجال اليوم في طوابير البطالة، أو متسكعين أمام براميل القمامة في شوارع المدن اليمنية، رغم أنف هذه العبارة المؤلمة؟
ثالثًا: الأرقام لا تكذب
دعونا ننتقل إلى ما يُسمّى بالبذخ، ولنفهم حجمه الحقيقي.
في عام 2020، كانت تكلفة الذهب الذي يُهدى للعروس في بعض الأعراس لا تتجاوز خمسة آلاف دولار، أما اليوم فقد تضاعفت الأسعار، وربما تصل إلى تسعة آلاف دولار أو أكثر، بفعل تغيّرات السوق العالمي.
أما تكلفة الزواج كاملة، فإنها – في حالات متوسطة – تبلغ نحو ثلاثين ألف دولار للعروس، وقد تزيد أو تنقص، بينما تكاليف العريس قد تكون أعلى قليلًا، بحسب قدرته ووضعه الاجتماعي.
والسؤال هنا: هل هذه الأرقام خارجة عن السياق؟
الإجابة: لا.
هذه التكاليف باتت قريبة من تلك التي تُنفق حتى في اليمن، إذا ما احتُسبت تكاليف الذهب، والمهر، والمأكولات، والقات، والتصوير، والملابس، ومصاريف الضيوف، فضلًا عن التضخّم الجنوني في الأسعار.
فهل نلوم المغترب لأنه يحتفل بزواجه؟ وهل نقول له: لا تفرح، لأن وطنك يتألم؟
أليس من حقه أن يفرح بيومٍ واحدٍ في حياته، طالما تعب وجدّ ووصل؟
أليس من الطبيعي أن يفرح الإنسان على قدر تعبه وجهده ونجاحه، كما يحدث مع التجار ورجال الأعمال في كل دول العالم؟
رابعًا: جوهر الإسراف الحقيقي
الإسراف الحقيقي، في تقديري، لا يكمن في حفلة تُقام ليوم واحد، بل في العقول التي لم تُربَّ على الفهم، ولم تُهذَّب على الحكمة.
الإسراف الخطير هو حين نُهمل تعليم أولادنا، ثم ننتقدهم إذا ما بالغوا في المظاهر.
الإسراف هو أن ندفع آلاف الدولارات على قاعة عرس، بينما لا نكترث لمصاريف الجامعة.
فالأعراس لا تُصنع جيلًا، لكن التعليم يصنع أمة.
خامسًا: لا تقارنوا أعراس الناس وكأنها قاعدة
ثمّة من ينظر إلى زواجٍ واحد أو اثنين، ويبدأ في تعميم الحكم. يقول: “فلان صرف خمسين ألف دولار، لماذا لا نقتدي به في التوفير؟”
لكن الحقيقة أن معظم الأعراس تتم في حدود المعقول، بل إن كثيرًا من المغتربين يحرصون على الاقتصاد، ويقيمون أعراسًا متواضعة، فيها فرح وبركة دون مبالغة.
الناس تختلف بقدرتها ودخلها، ومن الظلم أن نُساوي بينهم أو أن نستخدم معيارًا واحدًا للجميع.
سادسًا: الهوية والتأثر بالبيئة
نحن اليوم في الجيل الرابع من الاغتراب. أولادنا وُلدوا ونشؤوا في بيئةٍ تضم كل الجنسيات، ويتعرضون يوميًا لتأثير الموضة، والترند، والإعلام العالمي.
من الطبيعي أن يرغب بعضهم في تقليد ما يشاهده من أعراس عربية أو آسيوية أو أمريكية.
ولا ضير في ذلك ما دام لا يتصادم مع القيم الإسلامية، وما دام هناك وعيٌ يحفظ الهوية اليمنية ويُعلي شأن العادات والتقاليد الأصيلة.
الوعي لا يعني الجمود، بل يعني أن نعرف كيف نُوازن بين الأصالة والمعاصرة، بين الجذر والفرع، بين الثابت والمتغير.
سابعًا: لكل بلد بيئته وظروفه
قد يقول قائل: “أليس الحج من أمريكا يكلف أكثر من اليمن؟”
نعم، فتكاليف الحج من اليمن نحو ٤ آلاف دولار، أما من أمريكا فقد تصل إلى ٢٠ ألف دولار.
لكن لا تنسَ أن راتب أربعة أشهر في أمريكا قد يكفي لأداء الحج، بينما في اليمن قد تحتاج سنوات لتجميع المبلغ نفسه.
فلكل بلدٍ ظروفه، ودخله، وصرفه، وقوانينه، ولا يجوز أن نقارن دون إدراك لفوارق الحياة والمعيشة.
خاتمة: دعونا نبدأ من أنفسنا
إن أردنا حقًا الإصلاح، فلنبدأ بأنفسنا، لا بإلقاء اللوم على الآخرين.
لا فائدة من أن تُزوّج ابنتك مجانًا، ثم تخسرها بسبب الجهل أو القهر أو سوء التربية.
ولا خير في أن تهاجم المغترب صباح مساء، بينما أنت ساكنٌ في بلدك، عاجز عن تغيير شيء، إلا منشورات الفيسبوك.
أيها الناس، دعوا المغترب وشأنه، فهو أول من دفع ثمن الأوطان، وآخر من شكا.
اتركوه يفرح بيومٍ في عمره، فلا أحد يعرف ما وراء تلك الابتسامة من تعب السنين.
لم يستطيع اليمني في تغيير قانون علي مستوي الزواج في القريه هل سينجح في بلد مثل امريكا ؟
*نقلاً عن الشبكة الإعلامية اليمنية الأمريكية